مؤسسة الشرق الأوسط للنشر العلمي
عادةً ما يتم الرد في غضون خمس دقائق
قراءة كالعشق ..كالقدَر..: ويحدث أن تكون الرواية فيضا وفتحا، فلا ينضح النقد إلا بإشراقتها..وللسرد فيها شعرية ملهمة، وقد تأتي سؤالا مؤرقا، يُعدي النقد بحرقته فيتتبع السرد متاهاته ويرصد حيرته، وبين شعرية السرد وفلسفته تتنقل اللغة بين أدوارها، وتتنوع القراءة للأحداث والدلالات، ويتحول البناء الفني بكل مقوماته وآلياته إلى إشارة أو منهج ، وكلاهما موقف من الواقع والحياة، ولكن بصيغتين مختلفتين، صيغة رواية "موت صغير"، وصيغة رواية "موت مختلف"، والموت بالحب ليس كالموت بالمعرفة..لا يستويان.وكلاهما فاتنان وهما يقيمان على تخوم شعرية ليست صغيرة ولكنها مختلفة. حين شرعت في السفر في نفحات رواية "موت صغير"، لم يكن يشغلني السؤال بتاتا..كانت الدهشة والدفء يملكان علي كل حواسي ..لم أدر كيف أنهيتها هكذا فجأة ، ولم يكن إنهاء قراءتها بسرعة هاجسي، كنت بالفعل داخل عالمها أرافق طالب الخلوة، وأنا أطلب أيضا خلوتي، وكنت منشغلة بالأقطاب وبالفيوض الإلهية كما انشغل، أحسست بالهواء المنعش البارد فوق قمة الجبل كما أَحَسَّ، و خبِرت مجد الاستغناء عن الكل كما خبر، وانجذبت إلى كل ما انجذب إليه، فضاع مكاني من الأرض، وتركت كل ما لا يعول عليه ..والحق أني تركت ذلك منذ اتصالي أول مرة بالصوفية، وقراءتي لمواقف "عبد الجبار النفري"، وأشعار "ابن الفارض"، وطواسين "الحلاج" وأقوال "للسهروردي" و"شمس الدين التبريزي"، يومئذ حلقت عاليا وبعيدا مع طيور السيمرغ ل"فريد الدين العطار"، واشتعل شوقي بترجمان الأشواق ل"ابن عربي".